كتب – رياض حجازي
بعث أبو بكر الصديق خالد بن الوليد إلى الشام لنجدة قادة الفتح هناك حيث بلغت أنباء بوصول جحافل رومية بلغت 200 ألف مقاتل، وذهب قيادة الجيوش في العراق إلى المثنى بن حارثة. فارتفعت معنويات الجيش الفارسي بخروج خالد بن الوليد من العراق وقويت عزائمهم على إجلاء المسلمين من بلاد العراق وبدأوا بتحريض السكان على الثورة على المسلمين وبث رستم الحماسة في قلوبهم حين أعلن أنه سيولي إمارة العراق لأول من يثور من أهلها
أصبحت قيادة الجيوش الإسلامية بيد «المثنى بن حارثة»، وكان شديد الذكاء، خبيرًا بالنفسية المجوسية، وتفكير الفرس، فقرر الانسحاب بالجيش الإسلامي ـ تسعة آلاف فقط ـ إلى حدود العراق للحفاظ على أرواح الجنود، ونجح في ذلك بسرعة فائقة، وطلب إمدادات عاجلة من أمير المؤمنين «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه، الذي أخذ في ندب الناس للقتال ضد الفرس، ولكنه لم يجد استجابة قوية، بحيث لم يستجب إلا ألف رجل فقط لا غير، فجعل أميرهم «أبا عبيد الثقفي» وكان هو أول من انتدب للجهاد ضد الفرس.
في هذه الفترة كان القائد الفارسي «جابان» يمني نفسه أن يكون هو حاكم العراق لأنه أول من ثار على المسلمين عملاً بوعد رستم، ولكنه فشل بسبب الانسحاب التكتيكي للقائد «المثنى بن حارثة»، فقرر أن يغامر لتحقيق طموحه، فقام بإعداد جيش كبير لمطاردة المسلمين في قلب الصحراء، لتدمير قوتهم الصغيرة.
المكان: بين الحيرة والقادسية
الزمان: 8 شعبان – 13 هـ / 634 م
الأطراف
جيش دولة الخلافة الإسلامية: 10 آلاف مجاهد
بقيادة ابوعبيدة الثقفي والمثنى بن حارثة
جيش الإمبراطورية الفارسية: 100 ألف مقاتل
بقيادة جابان الفارسي وجشنس ماهومردانشاه
وصل إلى القائد أبي عبيدة عن طريق رسل الاستكشاف الرابضة خبر ضخامة جيش الفرس الذي شارف على الوصول إلى منطقة «النمارق»، التي سيعسّكر فيها في انتظار الزحف إليهم، فقرّر أبي عبيدة ومعه المثنى مبادأة الفرس قبل أن يقبلوا وسارع إلى الصدام معه وأن يأخذ الجيش الإسلامي زمام الأمور من يد القائد الفارسي «جابان»
وقع المسلمون كالصاعقة على جيش الفرس الذين أخذتهم الدهشة والذهول من الهجوم المباغت السريع والخاطف على جيشهم يتهافتون طمعا في الشهادة في سبيل الله، فأخذت صفوف الفرس في التصّدع وإنهزمت الجموع الفارسية أمام الليوث الإسلامية ووقع قائدهم جابان في الأسر
وكان جابان شيخاً متقدماً في السن فزهدا المسلمان اللذان أسراه في قتله واتفقا معه وهم لا يعرفانه على أخذ الفدية وكان جابان يخاف القتل جداً , فلما دخلوا على أبي عبيد وأخبروه بالقصة قال ‘أوفيا للرجل بعهده بعد دفع ما عليه’ وكان أبو عبيد لا يعرف جابان وقبل أن يخرج جابان من خيمة أبي عبيد جاء قوم من ربيعة فعرفوا جابان وقالوا لأبي عبيد ‘هذا الملك جابان الذي لقينا بهذا الجمع وأشاروا بقتله” فرفض أبوعبيدة .. قالوا ‘إنه الملك ‘ فقال أبو عبيد ‘ لا أغدر’.
المصادر:
البداية والنهاية
فتوح البلدان